الاثنين، 1 فبراير 2010

التحدي في موقف الرعيل الأول

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي في مواقف الرعيل الأول
طالب عوض الله
الأسئلة
:

1. منذ قيام الدعوة ظهر التحدي بصورة بالغة من الأمير المؤسس رحمه الله في اللقاء الشهير في قصر رغدان... هل كان هذا هو التحدي الوحيد بل كان هناك غيره من الرعيل الأول وخاصة الأمير الثاني ؟
2. تحدي الشيخ الداعور في مجلس النواب هل كان له الأثر في نظرة العامه ، وكيف كان ذلك ؟
3. هل كانت التحديات من بقية الرعيل الأول بصورة لا فتة للنظر ومؤثرة ؟
من خلال معايشتي لبزوغ نور من المسجد الأقصى يعلن انطلاق مسيرة حزب التحرير كان واضحاً
الجواب:

التحدي الكبير الذي قابل به شيوخنا من الرعيل الأول للحكام وأعداء الدعوة أذكر منها التالي:
1. في كل أسبوع كان الملك عبد الله بن الحسين يدعوا بعض العلماء ( المشايخ ) إلى القصر في رغدان، مما كان حافزاً للمشايخ أن يطلبوا من الملك أن يفرج عن زميلهم الشيخ تقي الدين، فما كان من الملك إلا أن أمر بإحضار الشيخ تقي الدين من سجنه للقصر الملكي بحضور جمع من المشايخ، ولما جلس بينهم توجه الملك عبد الله إلى الشيخ تقي الدين قائلاً: اسمع يا شيخ، هل تعاهدني على أن توالي من واليت، وتعادي من عاديت؟ فنظر أليه الشيخ ولم يجبه بشيء، وكررها ثانية : هل تعاهدني على أن توالي من واليت، وتعادي من عاديت؟ فنظر إليه كما في الأولى ولم يجبه. ومرة ثالثة أعاد عليه نفس السؤال ولكن هذه المرة بصوت مرتفع أكثر من المرتين السابقتين، وهنا رفع الشيخ رأسه ونظر للملك قائلاً: لقد عاهدت الله من قبل على أن أوالي من والى الله وأعادي من عاداه.. فهاج الملك وماج وصاح في الشيخ: قم يا شيخ، أنت شيخ خطر ، وقال لجنوده: خذوه. فأرجعه الحرس إلى السجن، وفي هذا الموقف الذي يحتاج للرجال الأتقياء لم يقل أي من المشايخ أي كلمة.........
2. على أثر تزايد الإقبال المتزايد على حضور دروس الحزب في المساجد، والصراع الفكري الذي أحدث دوياً هائلاً وتفاعلاً شديداً في المجتمع أكسب الحزب العدد الوافر من المنتسبين، أصدرت الحكومة قانوناً بتاريخ 25/08/1955يمنع الخطابة والتدريس في المساجد بدون الحصول على رخصة من الجهات الرسمية أسمته " قانون الوعظ والإرشاد والخطابة والتدريس في المساجد لسنة 1954 " وفرضت عقوبات السجن والغرامة على المخالف، فهاجم سماحة الشيخ الداعور ذلك القانون في خطبة له بالمسجد الإبراهيمي مشبهاً ذلك القانون بقانون رخصة بيع الخمور في البارات والخمارات، ولما أقرت القانون هيئة مشايخ السلاطين المسماة " الهيئة العلمية الإسلامية " بأمر من الجنرال كلوب قام سماحة الشيخ عبد القديم بمهاجمة فكرة جعل رجال دين في الحياة الإسلامية، كما هاجم فكرة الزي الأوكليروسي المميز للعلماء، في خطبة نارية في المسجد الإبراهيمي في الخليل، ومما جاء فيها:" ولولا أنّ حزب التحرير لا يؤمن بالجزئيات لوضعت هذه العمامة تحت قدي احتقارا لها ولمن يلبسـها". – الشيخ وقتها ومنذ تخرجه من الأزهر كان يلبس اللباس المخصص للعلماء وهو الجبة والعمامة – ومع أن الشيخ رحمه الله كان مشهوراً بالحلم الشديد وعدم الانفعال، إلا أن الانفعال كان ظاهراً في خطبته لهول الأمر الذي تناولته، وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي رأيته فيها بالغ الانفعال.
3.في منح الثقة لحكومة سليمان النابلسي فاز بثقة 59 نائب - منهم نواب الإخوان الخمسة - لم يحجب الثقة عن الحكومة إلا شيخنا الأستاذ أحمد الداعور حيث استهل بيانه بالتالي ( وقد تقدمت حكومة دولة سليمان النابلسي إلى هذا المجلس ببيانها الوزاري فكانت كسابقاتها من حيث الجوهر إمعانا في نبذ الإسلام عن تعمد، وإيغالا في السير في ركاب الاستعمار عن قصد، ولكنها زادت عن غيرها في الدجل السياسي والخداع القتال وإني إذ أتقدم بمناقشة هذا البيان لأبين بعض الأخطار التي ينطوي عليها هذا حتى أكشف البرقع الشفاف الذي وضعته على وجهها لتخفي سحنة الاستعمار وتغطي ألعابها بالألاعيب البهلوانية والألفاظ المبطنة.....) ،بعدها جاءت حكومة الأحكام العسكرية التي يرأسهما اسماّ - إبراهيم هاشم - وفعلاً المجرم البالغ الإجرام - سمير الرفاعي - ورغم التهديد بمسدس وضع في رأسه كان الوحيد بين النواب الذي رفض إعطاء الثقة ، واستهل بيانه مخاطباً زملائه ( أخواني ، إن هذه الحكومة ، حكومة إبراهيم هاشم، بل حكومة سمير الرفاعي ، وبعد أن ألهبت ظهور هذه الأمة بسياطها ، أتت وبكل وقاحة تستجديكم لطلب الثقة، وكما قال الشاعر:
بالأمس أوهى المسلمين جراحة واليوم مدّ له يد الجراح
هنا انسحب الوزراء والنواب على السواء ، ولم يسمحوا له بإكمال بيانه ، ألا أنه طبع في كتيب ووزع على الأمة. بعدها في الانتخابات الفرعية لشغر منصب واحد في الخليل، حاول الشيخ التدخل لرفع الضغط عن أسعد بيوض للانسحاب ، وقد تم منعه من إكمال السفر للخليل في موقع مخفر كفار عصيون، وبعد تخاذل أسعد وانسحابه لصالح مرشح الحكومة العميل إسماعيل حجازي، تجرأت عليه الدولة وسجنته وهو نائب وقدمته لمحكمة عسكرية حكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات قضاها في معتقل الجفر الصحراوي، رغم تمتعه بالحصانة البرلمانية، التي سحبت منه بموافقة كافة زملائه أعضاء المجلس بما فيهم نواب الإخوان المسلمين الخمسة عدى واصف عنبتاوي نائب نابلس ، الذي كان الرجل الوحيد في المجلس.
. وفي جلسـة ثقـة سابقـة ورداً على البيان الوزاري لحكومة " سعيد المفتي – الشركسي الأصل - توجه سماحتـه مخاطباً سـعيد المفتي قائلاً :
( البيان يدعو لتدعيم القومية العربية، ورئيس الوزراء شركسي هرب آبائه وأجداده من بلادهم حفاظاً على دينه فأي قومية عربية يدعوا إليها ؟ ). واصفاً القومية بأنها:
وما هو إلا كفارغ بندق خلي من المعنى ولكن يفرقعُ
ومن المفارقات الغريبة التي حدثت داخل المجلس أن عُرض على المجلس قانون الشركات المساهمة، فبين سماحته حرمة قيام الشركات المساهمة لمخالفتها شروط الشراكة في الإسلام، وحرمة إلزام الناس بتأسيس تلك الشركات المخالفة للحكم الشرعي، فقاطع الكلمة النائب المحامي محمد عبد الرحمن خليفة _ المرشد العام للإخوان المسلمين في الأردن _ مستغرباً كيف يحرمها زميله الداعور في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أنشأ شركة مساهمة مع زوجته خديجة للتجارة على خط الشام !!!! وشر البلية ما يُضحك. فلا أتصور أن الأستاذ خليفة وهو محامٍ ومرشد عام الإخوان المسلمون يجهل الفرق بين شركة المساهمة وشركة المضاربة التي كانت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجته خديجه، إنما كان اعتراضه لغاية في نفس الأخ المرشد العام للإخوان المسلمين قضاها، فلا حول ولا قوة إلا بالله ألعلي العظيم، وتُعسـاً لكل من ظلم نفسه، وتعساً لكل من وضع نفسه كحجر عثرة أمام الدعوة للإلتزام بالأحكام الشرعية، وأدعو للأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة وغيره ممن تعمد ذلك من المسلمين بالرحمة والمغفرة من الله تعالى علام الغيوب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم المنتقم الجبار.
رحم الله شيخنا وأستاذنا الشيخ أحمد الداعور وجزاه عن أمة الاسلام خير الجزاء وأسكنه الجنة مع الأنبياء والرسل.
****
وللبيان أوضح لمن لا يعرف رجال هذه الحقلبة أن سمير الرفاعي - والد عبد المنعم الرفاعي، مندوب الأردن الدائم في الأمم المتحدة، ورئيس وزراء فيمات بعد - كان من أجرم رجال الحكم في الأردن، وأشدهم اخلاصاً لأسياده الانجليز، وكان من أعنف الحكام في البطش في الناس، في أضراب المعلمين الشامل( سنة 1956 على ما أذكر ) عاد للبلاد من سفرة للخارج، وحال عودته أصدر انذاراً لكافة المعلمين معتبراً من لن يداوم صباحاً مفصولاً مما قطع الإضراب، ومن الأمثال التي كان الناس يرددونها عن فترات توليه الحكم ( سَنَة سمير لا قمح ولا شعير ولا ماء في البير ) ، والمراقب يرى أن المحل والقحط وانحباس المطر كان يرافق تولي ذلك المجرم للوزارة، ويذكر أن شيخنا المؤسس كان يتوجه لربه بالدعاء ألا يميت سمير إلا بعد قيام الخلافة حتى يموت بغيظه مقهورا، لذا فقد اسند مركز رئيس الوزارة لإبراهيم هاشم اسماً ولسمير الرفاعي فعلاً. أمّا ابراهيم هاشم فهو من عملاء الإنجليز تلاميذ جلوب المشهورين،إلا أنه لم يكن بالغ الاجرام كسمير، تولى مثله مثل المجرم سمير رئاسة الوزراء عدة مرات في عهد الملك عبد الله بن الحسين وفي عهد الملك حسين بن طلال، عندما أسس الاتحاد العربي بين الأردن والعراق كرد على قيام الوحدة بين مصر وسوريا فقد عين ابراهيم هاشم - ربما لكبر سنه - رئيساً لوزراء الاتحاد، وفي أنقلاب عبد الكريم قاسم في 14 تموز سنة 1958 على الحكم الملكي في العراق، قام الناس بالبحث عن رؤوس الفساد والعملاء وقتلوهم وقاموا بسحلهم في الشوارع، وكان منهم الملك فيصل وولي العهد عبد الإله ومعظم العائلة المجرمة رجالاً ونساءاً، ورئيس الوزراء البالغ الاجرام نوري السعيد - صاحب فكرة حلف بغداد - حيث كان يختفي في لباس امرأة، كما كان منهم ابراهيم هاشم أيضاً، لا رحم الله منهم أحداً. وقد أتت تلك الوزارة مباشرة بعد عهد الرفاه والحريات المصطنعة في حكومة الهالك سليمان النالبلسي.وسليمان النابلسي - الباشا - من عملاء الانجليز المشاهير، الا أنه وعبد الحليم النمر كانوا يختفون تحت ستار الوطنية، أسسوا الحزب الوطني الدستوري، ولهم جريدة ( الميثاق ) التي تولت مهاجمة سماحة الشيخ النبهاني، وفي رئاسته للوزراء أعطى انفلاتاً في الحريات ليكشف الأحزاب والرجال، فقد أطمئنت الأحزاب السرية في عهده - مثل الحزب الشيوعي، وحزب البعث والقوميون العرب - فأظهرت نشاطها ورجالها وأعمالها، فأصبح السر ظاهر العلن، مما سهّل لمخابرات الحكم البطش بهم بعد أفول وزارة المجرم النابلسي وقدوم وزارة البطش والأحكام العسكرية أثرها، فملأت السجون والمعتقلات بأبناء الأمة ، وأوسعتهم تعذيباً وبطشاً وملاحقة وقطع أرزاق. وقد طال البطش كافة فئات الناس من حزبيين ومخلصين وغيرهم.
والباشا هو ولي نعمة الصحفي الأهوج ( هاشم السبع ) رئيس تحرير أسبوعية ( الصريح ) التي كان يستعملها الباشا من خلف ستار لماهجمة حزب التحرير ، ومحاولة النيل من سمعة الشيخ تقي الدين، ومن خلال تلك الجريدة تم اطلاق الاشاعات المغرضة بتلقي سماحته شيك بمبلغ خمسون ألف دولار من السفارة الأمريكية في بيروت، وسيارة كاديلاك وسكرتيرة حسناء، وهكذا كانت سلسلة أكاذيب رخيصة تطلق بقصد الاساءة للحزب، والملاحظ أن تلك الحملة الرخيصة قد أكسبت الحزب مزيداً من الأعضاء الذين نبههم للحزب تلك الحملة، ومن المؤسف والمخجل أنّ أفراد جماعة الاخوان المسلمون قد تجاوبوا مكع تلك المظاهرة الرخيصة وأظهروا حقدهم الدفين وشاركوا في تلك الحملة بترديد تفاهاتها في المجالس، نسأل الله لهم الهداية. ةوقد كشفت اليهودية الاسرائيلية ( سارة عمرام ) فيما بعد في كتابها ( اسرائيلية في المملكة الأردنية الهاشمية ) أنها كانت تعمل - قبل عودتها للقدس عن طريق المراقبين الدوليين ) كسكرتيرة للباشا ولجريدة الصريح.
بالنسبة لكلمات الشيخ الداعور داخل مجلس النواب فقد كانت تطبع في كتيبات بالغلاف المميز للحزب وتوزع على الناس، علاوة على أن جميع البيانات والكلمات والنقاشات بين ألنواب والوزراء داخل المجلس كانت تنشر تباعاً وبالتفصيل دورياًُ في الجريدة الرّسمية. أمّا بالنسبة للمعارك الانتخابية التي أعقبت الترشيحات فقد أحدثت تفاعلات وصراعات عنيفة مع الحركات والأحزاب الأخرى المشاركة في الانتخابات، حيث استغل شباب الحزب المعركة الانتخابية لنشر أفكار الحزب بين الناس، وقد تعدى الصراع محاولة الغلبة الفكرية، إلى العراك، حيث كان شباب الحزب يقابلون في القرى والضواحي بالقذف بالحجارة لمنعهم من الدخول للقرى للقيام بالدعاية الانتخابية، وقد قام نفر من أهل قرية ( بيت أمر ، قضاء الخليل) بالتعرض لسماحة الشيخ عبد القديم زلوم وزميله ناصر الشرباتي، وتحريض الولدان على قذف سيارتهم بالحجارة لمنعهم من دخول القرية ، وكان لهم ما أرادوا حيث قفل الشيخ وصحبه راجعاً لم يدخل القرية. وفيما بعد كان المرحوم ( ي. ع .) وهو أحد مخاتير القرية ووجاهائها الذي تولى المهمة يبدي أسفه من عمله وقد كشف السبب فيما بعد أنّه تلقى أجراً للقيام بهذ العمل من مرشح الحزب الوطني الدستوري،( حزب الباشا ) النائب سعيد العزة.
وأحيانا مهاجمة الاجتماعات التي يعقدها شباب الحزب مع الناس في الضواحي والأحياء، وبهدف شل حركة الحزب ومنع وصول رجاله للمجلس فقد قامت تحالفات مشبوهة بين أحزاب وحركات عديدة، وقامت تحالفات مشبوهة أيضاً بينهم وبين الحكومة ومرشحيها، كل ذلك كان من أجل الحيلولة بين الحزب وبين الوصول للمجلس.
لقد لاقى شبابنا العذاب من الحكام والأذى بأنواعه من الناس، وتعرضوا للملاحقة وقطع الأرزاق، ولم يحنوا الهامات لظالم ولم يسجدوا إلا لله، هذا من ثيت منهم ، وهم القليل الذي بقي ، أما الكثير منهم فقد سقط قوم في هز الشجرة، وسقط أقوام في محنة الثبات على المبدأ. ولم يبق في الدعوة الا الرجال العمالقة الأفذاذ ، لم يبق إلا من شابه الصحابة وتلاميذ عيسى بن مريم.

4.أمّا قصة الشيخان الفاضلان الحاج صالح المحتسب، والأستاذ حارث كاتبه.فقد كانوا مسجونين سوية في سجن الخليل ، مع عدد وافر من الشباب منهم الشيخان وجيه الخطيب التميمي وحاتم ناصر الشرباتي وربيع بركات الأشهب....... وقام يوماً الحاكم العسكري العام في الأردن سئ الذكر المجرم حسن الكاتب بزيارة لسجن الخليل، والمتبع في السجن أنه في زيارة أي شخصية حكومية شهيرة للسجن أن يتقدمه مدير السجن ( أبو صالح سمارة ) أو مساعده ( فريد الجيوسي - أبو سمير ) وعند باب كل غرفة يقول : غرفة رقم كذا تمام، ومعناها طلب من المساجين القيام احتراماً للزائر، فاتفقنا بيننا أن لا نقوم للحاكم مهما كانت النتائج، وعندما وصل الغرفة ، صاح غرفة رقم 7 تمام، وعندما لم يقم أحد كرر الطلب عدة مرات فلم يستجب له أحد، فتلعثم وتوجه للحاكم قائلا: هذه غرفة التحريريين يا سيدي !!!! فأخذ الثعلب يقوم بدور الناسك الناصح ، فتوجه إليه أخانا أبا مأمون قائلاً : ألا تتقي الله يا رجل ، ألا تتقي الله يا ظالم ، إلى متى ستظلم الناس هكذا وتحاكمهم بالكفر، كتاب الله بيننا وبينك إن كنت مسلماً ..... وهنا أكمل حارث: الظاهر يا رجل أنه لا يوجد عندك مرآة في البيت، إذ لو عندك مرآة لرأيت غبرة جهنم على وجهك يا وقود النار، مصيرك جهنم إن شاء الله. فأصدر أمره بحكم كل منهم بالسجن ثلاث سنوات في معتقل الجفر الصحراوي، وهكذا كان، ليخرجوا من السجن بعد هذه المدة بلا مورد رزق، ليمتهنوا المهن الحرة، وليذوقوا مرارة شظف العيش، فلهم منا الدعاء أن يجزيهم الله خيراً.
5. حضرت دعوة غذاء لأحد وجهاء البلد كان من حضورها كل من قائد المنطقة نزار المفلح ومدير المباحث منير نور، وجرى خلال تناول الطعام الحديث عما نشرته جريدة الصريح عن تلقي الشيخ تقي الدين مبلغ خمسين ألف دولار من السفير الأمريكي، فتوجه قائد المنطقة للحاج ناصر الشرباتي سائلا الحاج بسخرية كم كانت حصته من المبلغ، وكانت الجرائد قد نشرت يومها أن الأردن قد تلقت أول المساعدات من أمريكا مبلغ عشرين ألف دولار، فأجابه الحاج: بصفتي أردني من رعايا الملك حسين فقد قبضت اليوم مبلغ عشرين ألف دولار، فاسقط بيد الرجل وقام عن طاولة الغذاء لم يكمل غذائه.
ولتفادي الضغط على أسعد للتنازل عن ترشيحه لصالح مرشح الدولة إسماعيل حجازي فقد تم إخفاء أسعد وتوكيل الحاج ناصر الشرباتي لإدارة الحملة بدله فأتاه قائد المنطقة نزار المفلح مزمجراً متوعداً بسجنه وسجن ولده حاتم و200 شاب من الحزب إن لم يتم إلغاء التوكيل وما كان من الحاج ناصر إلا أن شتمه وقبحه ودولته وطرده من حانوته شر طرده.
6. وعندما احتل ودمر اليهود قرية السموع قضاء الخليل يوم: 13.11.1966م. كمقدمة لتسليم ملك الكرك الضفة الغربية بناء على اتفاقه مع اليهود، جابت شوارع مدينة الخليل مظاهرات عارمة تندد بخيانة حكام الأردن، فاستدعى محافظ الخليل آنذاك: الأخ يوسف المبيضين ( النائب في البرلمان الأردني بعد ذلك) وجهاء البلد وأعيانها ونوابها وتجارها ورئيس بلدية الخليل الشيخ محمد علي الجعبري، مهددا متوعدا بالويل والثبور طالبا إيقاف الاحتجاجات والمظاهرات حالاَ، وعندما جوبه برد حاسم من ممثل تجار المدينة الحاج ناصر ألشرباتي، أن قيام المظاهرات أتى نتيجة اتضاح الحقيقة للناس بأن الدولة لم توفر لهم الحماية من الأعداء، وأن الأعداء احتلوا ودمروا القرية بلا أي مقاومة لهم حيث ظهر لهم انعدام وجود حماية فعليه للسكان من اليهود، وأن البحث يجب أن ينصب على أصل المشكلة وهو عدم حماية الدولة لرعايها وليس على المظاهرات التي نتجت كرد فعل لما حدث،وعندما سأله المحافظ: هل أفهم من ذلك أنك تأيد المظاهرات؟ توجه للحضور قائلاً: مادام المحافظ قد فهم ذلك فذلك يعني أنه لا يفهم اللغة العربية فهل لأحدكم أن يقوم بترجمة كلامي من اللغة العربية إلى اللغة التي يعرفها عطوفة المحافظ؟ عندها تدخل رئيس البلدية الشيخ الجعبري لتهدئة الموقف قائلا: أطمئن أخي أبو حاتم وجميع أهل البلد أنني اتصلت بسيدنا هاتفيا ووعدني بإرسال الحماية. فرد عليه: وما يدريني يا أبو وحيد أنه حتى تصل الحماية من سيدك لا ينطبق علينا المثل القائل: حتى يأتي الترياق من العراق يكون المقروص قد مات ؟ هنا استشاط المحافظ المجرم غضبا وأخذته العزة بالإثم وأعلن وهو كالثور الهائج فرض نظام منع التجول على المدينة ونشر جنوده وحرس البادية يطبقون الأمر بصرامة متناهية، ويعتدون على من يُخالفه، فكان يوسف المبيضين هو أول من يقوم بجريمة منع انعقاد صلاة الجمعة في المدينة، إذ تصادف فرضه لمنع التجول قبيل صلاة الجمعة بساعات، فمنع المسلمين من أداء فرض فرضه الله تعالى بقوله: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون.)الجمعه9 . ونقول: إلا إذا منع ذلك الأخ يوسف المبيضين ممثل ملك الكرك في الخليل، حينها لا نملك إلى التوجه لله تعالى داعينه أن يُحطم عروش الظالمين ويهلكهم وأعوانهم المرتزقة.
7. وعندما تزوج الملك حسين بالملكة دينا عبد الحميد فرض على جميع طلاب المملكة الاشتراك في هدية العروسين بجباية قرش
واحد من كل طالب، وقد رفض الطالب " خليل زيادة " دفع تلك الإتاوة، فأعلم مدير المدرسة " طلعت الصيفي " مدير المعارف بذلك، الذي قام بدوره بنقل الخبر الخطير والمخل بأمن الدولة لمتصرف اللواء الذي استدعى الطالب، وعبثاً حاول إقناعه بدفع القرش، وعندما فشل في إقناعه، صدر القرار بعقوبته بنقله للدراسة في مدارس مدينة بيت لحم.
8. وكمثال آخر فقد كان بين حملة الدعوة في الخليل عامل بسيط متقدم بالسن، أمي لا يستطيع القراءة والكتابة يدعى " ياسين محمود الجنيدي " أراد أحد المثقفين في البلد أن يسخر منه أمام زملائه، فطرح عليه التحية بقوله: مرحباً يا سياسي !!! فترك الرجل عمله وتوجه للمثقف مدير المدرسة بكل أدب قائلاًُ: لقد وصفتني يا أستاذ بالسياسي، فأعلمني ما هي السياسة من فضلك؟ فهز الرجل رأسه وطربوشه الأحمر مجيباً: السياسة يا ابني لا أعرفها لا أنا ولا أنت لأن لها أناساً مخصوصين. فانتفض الرجل مستنكراً ومجيباً الأستاذ أبلغ جواب: لا يا أستاذ، لا تُحَقـِرَني في عرواك، إن كنتَ جاهلاً فلستُ كذلك، اسمع أعلمك يا أستاذ، السياسة هي رعاية شئون الأمة في الداخل والخارج، وأنا أفخر أنني سياسي في صفوف حزب التحرير، فأسقط في يد الرجل الذي لم يكن ليتوقع هذا الموقف العنيف...
وفي الحملة الانتخابية سنة 1954 كان أحد المرشحين في الخليل المحامي الشهير " عبد الخالق حسين يغمور " الذي أقام مهرجاناً للدعاية الانتخابية كان أبرز شعاراته الدعوة للقومية العربية والديموقراطية، رافعا لافتات في جوانب القاعة " الأمة مصدر السلطات " فـانـبرى له ياسين الجنيدي مناقشاً وابتدره بالقول: إني ارثي لحالك يا أسـتاذ أبو فاروق وأنت تتحدى الله وشريعته وتطالب بإحلال الناس مكان خالقهم في حق التشريع، هل أرسـلك والدك إلى الجامعة لترجع منها شيوعياً شائعاً يحمل ألمترك وآخرته إتـرك، يُطالب الناس بالكفر ؟ بالنهايـة لم يستطع الأستاذ المحامي الصمود أمام هذا العامل الأمي البسيط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق